اخر تحديث للمقال: أكتوبر 10, 2024
أسمي ندى وأنا فتاة في سن الخامسة والعشرين من عمري وفي هذا العمر كنت أعاني من مشاكل في القلب، ما جعلني أحرم من الزواج بسبب تأثير هذا المرض على صحتي إن تجاهلته وتزوجت، ولأنني فتاة مؤمنة وعلاقتي بالله قوية كنت أدعي بشكل يومي أن أشفى من مرضي وأتزوج برجل صالح، وقد بدأت الدعاء منذ كنت في سن الثامنة عشر أي منذ وقت طويل، إلا أنه لا شيء يتغير وما زلت أعاني من المرض وبسبب ذلك لا يستطيع أي خاطب أن يكمل معي، بالرغم من إلحاحي بالدعاء، وما كان يقسم ظهري هي تلك التعليقات السلبية من النساء في محيطي، اللواتي كنّ لا يترددن في إيذائي بكلماتهن المليئة بالشفقة على حالتي، مما جعلني أيأس يوماً بعد يوم من تغير حالي وأشعر بأنه من المستحيل أن يتغير حالي وتستجاب دعوتي، وهنا بدأت معاناتي من الوسواس القهري الديني، حيث بدأ عقلي يتحدث معي بطريقة سلبية لا تليق في حق الله تعالى، ويخبرني بأنني أكلم نفسي وبأنه لا أحد يستمع إلي ولن يتغير حالي، وما زاد الطين بلة، هو أن أفكاري كانت تتضمن شتائم في حق الله تعالى لا يمكن أن أفكر فيها حتى، إلا أنها كانت تتكرر في عقلي ولا تسمح لي بتجاوزها مهما تعوذت أو تجاهلتها، وهنا بدأت أشعر بأنني خسرت آخرتي كما خسرت الدنيا ومتعتها، وبالفعل في ظل كل ما أمر به، فإن الوسواس القهري الديني دمرني.
لم تكن رحلة التعافي سهلة، ففي ظل ما أمر به لم أكن أجرؤ حتى على مواجهة أحد لأخبره بما أمر به، فقد أسررت بمشكلتي واحتفظت بها لنفسي، إلا أنها أثرت على عقيدتي وجعلتني أفقد متعة العبادات التي كنت أمارسها براحة تامة، حتى أنني مع مرور الوقت بدأت أنسى بعض الصلوات والتهاون فيها، مما جعل والدتي تستغرب من حالتي وتستفسر عن سر هذا التهاون العظيم في أمور ديني، وحينما أخبرتها بما أمر به، شعرت بأنني بحاجة إلى رقية شرعية واقترحت علي زيارة أحد الشيوخ الثقة لمساعدتي في فك هذا الأذى الذي لحق بي فجأة، وبالفعل ذهبت إليه وتواصلت معه وأخبرته بما أعاني منه، ولم يقصر معي في الرقية، إلا أنه كان عالماً بما أمر به فاقترح علي زيارة الطبيب النفسي للتأكد من عدم إصابتي بالوسواس القهري، وقد استمعت إليه وذهبت بالفعل إلى مركز الصحة النفسية الذي تعرفت عليه عبر الانترنت، وعند تواصلي مع أحد الأطباء الموثوقين، أخبرني من خلال التشخيص أنني أعاني من هذا الاضطراب، ونصحني بضرورة البدء في العلاج.
بدأتُ رحلتي مع العلاج بعد تشخيص حالتي بأنني أعاني من الوسواس القهري الديني، وقد تعرفت على هذا المرض، وعلمت بأنه اضطراب نفسي يصيب المريض في أي مرحلة عُمرية، تتميز أعراضه بسيطرة مجموعة من الأفكار والهواجس الكريهة على عقل المريض، تسبب له القلق و تستنفذ طاقته وتفكيره، وتسيطر على حياته، يتبعها القيام بأفعال قهرية يقوم بها المريض لتخفيف هذا القلق.
وتمثلت رحلتي للتعافي في مسارين رئيسيين:
حيث بدأت جلسات العلاج السلوكي المعرفي، وهو علاج فعال إذ تبلغ فيه نسبة الشفاء من ٦٠ إلى ٧٠%، قد يحتاج بعض المرضى إضافة أدوية، تساعد على سرعة شفاء واستجابة المريض.
يلعب الإرشاد الديني من قِبل أهل العلم والدين المختصين دورًا اسياسيًا في طمأنة وعلاج مريض الوسواس القهري الديني، إذ يتم إرشاد المريض وتعريفه على خالقه وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول دينه.
وبالفعل مع الالتزام بالعلاج، الحمد لله شفيت تماماً من الوسواس القهري الديني وعدت إلى حياتي الطبيعية، بل وأصبحت أقوى وأكثر إيماناً بالله وبأنني يجب أن أنتظر بحكمة لاستجابة دعائي والان بفضل الله تزوجت برجل صالح وقد رزقني الله منه بولد اسمه زياد .
نقلت إليكم تجربتي التي تعبت فيها من الوسواس القهري الديني، وشعرت بأنني فقدت نفسي من خلال الوساوس والأفكار الضالة التي كانت تراودني، إلى أن وجدت العلاج الذي أنقذني وأعاد إلي إيماني، وأتمنى أن تكون هذه التجربة قد ألهمتكم في حال كنتم تعانون مثلي من هذه الوساوس وتريدون التعافي منها في أقرب فرصة.
0
0
جميع المعلومات التي يذكرها كتابنا بالموقع تهدف الى التوعية وتقديم الدعم والمساعدة لذوي الإضطرابات النفسية والعقلية كنصائح وارشادات، ولا تُغني عن استشارة الطبيب، ونحذر من تناول أي دواء يتم ذكره بدون الرجوع الى الطبيب المختص.
أكتب تعليقا