الوسواس القهري (OCD) هو مرض نفسي قد يصبح خطيراً في حالة إهماله وعدم علاجه ويشتهر بوجود أفكار أو سلوكيات متكررة بشكل مرضي، تنتج عن دوافع وأفكار غير إرادية تسيطر على المريض، بل وقد تدفعه إلى القيام بسلوك معين بالإضافة إلى تكراره دون توقف، مما يؤثر على الأنشطة اليومية التي يقوم بها الشخص. في هذا المقال سنعرض أهم الأعراض والأسباب وكل ما يدور في ذهنك عن اضطراب OCD.
الوسواس القهري أو ما يُعرف بـ OCD وهو اختصار لـ Obsessive Compulsive Disorder، هو عبارة عن اضطراب نفسي يصاحبه أفكار أو مخاوف تطفلية ومتكررة تؤدي إلى سلوكيات غير عقلانية وقهرية، وهنا يجد مريض الوسواس حل وحيد لكي تتوقف تلك الهواجس المزعجة والتي من الممكن أن تتكرر لديهم بشكل يومي، وهو أن يقوموا بسلوك معين بشكل مستمر، فمن الممكن أن يواجه مريض الوسواس هذه المشاعر بالإسراع للتنظيف أو غسل اليدين، والبعض الآخر يتوجه لكي للتأكد من حقائق معينة، ويتخذ بعضهم العد على اليدين كأحد الأفعال المعتادة للتخلص من تلك المشاعر.
يُصاب الإنسان بالوسواس القهري بسبب حدوث تغيرات معينة في كيمياء الجسم أو تغيرات حادثة في وظائف الدماغ، وتلعب التجارب البيولوجية والوراثية والاجتماعية في الأسرة وخاصة الأحداث الحياتية المجهدة دور في التعرض للوسواس مثل (الانفصال، طلاق الوالدين، المرض، فقد أحد الأقارب).
ويعتبر الشعور بالخوف الشديد لفترة طويلة من أهم أسباب الوسواس القهري، وفيما يلي نعرض بالتفصيل :-
تشير بعض الدراسات إلى أن الطفل لديه فرصة بنسبة 8% للاصابة بالوسواس القهري إذا كان أحد الوالدين لديه، وذلك هو الحال مع معظم الأمراض العقلية فإن هناك إستعداد وراثي حيث تظهر الأبحاث أنه إذا كان أحد التوأمين يعاني من اضطراب الوسواس القهري فإن الآخر يكون أكثر عرضة للخطر؛ لذلك يمكن أن ينتقل الوسواس القهري للأبناء ومع ذلك يجب أن تكون هناك عوامل أخرى أيضاً.
من المعروف أنه في الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري يكون الفص الجبهي للدماغ مفرط النشاط ويتحكم في ما يسمى بالعقد القاعدية وهي هياكل الدماغ المسؤولة عن العمليات الحركة، وتدعم هذه الفرضية حقيقة أن الأشخاص الذين تتأثر عقدهم القاعدية بالأورام أو إصابات الرأس هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الوسواس القهري، بالإضافة إلى ذلك يبدو أن توازن السيروتونين في الدماغ مضطرب لدى الأشخاص المصابين بالوسواس القهري، ويعتبر السيروتونين هو ناقل عصبي مهم؛ لذلك يتم مساعدة العديد من المرضى من خلال الأدوية التي تزيد من مستويات السيروتونين.
غالبًا ما ينشأ اضطراب الوسواس القهري عن أحداث مرهقة ومع ذلك إذا كان الموقف لا يمكن التحكم فيه بالنسبة للشخص فإن الهواجس والأفعال القهرية تعمل بمثابة مشتت له ثانيًا، تخلق الأفكار والأفعال الوسواسية القهرية الوهم لدى الأشخاص القلقين والذين لديهم حاجة متزايدة للأمان بأنهم يصنعون أحداث لا يمكن السيطرة عليها بشكل أساسي، على سبيل المثال يأملون في أن تمنع طقوس معينة وقوع الحوادث.
تساهم التربية في كثير من الأحيان في تطور الوسواس القهري حيث أن الطفل الذي يميل إلى القلق يصبح معدوم للأمان بسبب سلوك والديه المبالغ فيه في حياته، فهم يتعلمون من والديهم تجنب المواقف المهددة بدلاً من المواجهة.
تعتبر السمة الرئيسية لاضطراب الوسواس القهري هي الهواجس المتكررة والتي تأخذ شكل أفكار أو صور وغالباً ما تحتوي على محتوى عنيف أو جنسي، والإكراهات والتي تشمل أفعال غير عقلانية يقوم بها الطفل المُصاب أو البالغ وغالباً ما يتعلق الأمر بتجنب وقوع مصيبة محتملة وقد تحدث هذه الأعراض معاً حيث تخلق الوساوس والأفعال القهرية الكثير من التوتر الداخلي وتكون مرتبطة في الغالب بالخوف فإذا كانت معظم العلامات التالية تنطبق على طفلك معظم الأيام لمدة أسبوعين على الأقل، فيجب أن يخضع للتشخيص.
تتأثر الفتيات بمرض الوسواس القهري في العلاقات العاطفية بشكل خاص، فيتبادر إلى ذهنهم هواجس مزعجة تهدد بقاء العلاقة العاطفية، حيث يشعرن دائمًا بالذنب والخوف من فقدان شريك الحياة.
تختلف أعراض الوسواس القهري وشدتها من بنت لأخرى ومن أبرز أعراض الوسواس القهري عند البنات:
يمكن أن يصاب به الأطفال في سن مبكر، حيث يتم تشخيصه ما بين سن السابعة والثانية عشر، و يبدأ الوسواس القهري في مرحلة الطفولة أو المراهقة عند حوالي نصف المصابين، ويتأثر الأولاد أكثر من الفتيات وتظهر الأعراض الأولى لاضطراب الوسواس القهري قبل سن 15 عاماً وغالبًا ما يحاول الأطفال الحفاظ على سرية هذه الوساوس ثم تظهر الدوافع القهرية بشكل كبير في أزمات الحياة أو حالات الصراع.
تكمن الأعراض المزعجة لدى مرضى الـ OCD في الهواجس التي تراودهم من بين الحين والآخر والتي تتسبب في مشاعر سيئة بالنسبة لهم ومن ضمن تلك المشاعر أن يشعر المريض بالخوف من أمور ليس لها أي علاقة بالواقع، كما أن تلك الأفكار تدفعه على القيام بأمور غير مبررة لكي يتخلص من تلك الهواجس، وهناك بعض الاعتقادات التي يستمر مريض الوسواس في التفكير فيها دون أن يصل لنقطة محددة فيها وسوف نسرد من خلال العناوين التالية أهم تلك الاعتقادات.
إن أكثر ما يسبب شعور أي مريض باليأس وفقدان الأمل هو إحساسه بأن الذي يعاني منه ليس له علاج وسوف يصاحبه طوال عمره، لذلك تعد تلك النقطة أول ما يطرحه مريض الوسواس عند علمه بحالته أو قد يطرحه الأشخاص المقربين منه، وقد أوضح الطب إجابته بوضوح، حيث أن الـ OCD يحتاج إلى اتباع العلاج وحسن إدارة الحالة لكي يتمكن المصابين من السيطرة على أعراضه والتفاعل مع الأشخاص من حولهم والمواقف بشكل جيد، ولكن إذا تم إهمال الحالة دون علاج فمن الممكن أن تتطور الأعراض بشكل يهلك الجوانب الحياتية المختلفة للمريض طوال حياته.
للأسف من المحتمل أن يعود الوسواس مرة أخرى للمريض، ونجد أن تجدد المشاكل الحياتية والضغوطات قد يتسبب في عودته، حيث هناك عدد كبير من الحالات التي تعاني من الـ OCD قد تعتقد لعدة أعوام أنها قد تعافت بشكل كامل منه وأنه لا يوجد احتمال لعودته مرة أخرى، ولكن في حقيقة أن الظروف المحيطة بهم وضغوطات الحياة إذا تزايدت عليهم مرة أخرى فمن الممكن أن تعود أعراض المرض ثانيًة.
قد تم طرح هذا التساؤل عدة مرات خصوصًا داخل مجتمعنا العربي، وقد أكد مستشار المفتي أن الـ OCD ما هو إلا حالة مرضية ولا علاقة له بالشبطان، وعلى نفس وتيرة التفكير قد يظن البعض حالة الوسواس القهري غضب من الله أي أن المريض به قد وقع في ذنب ما وهذا المرض عقابه الدنيوي، ولكن حاشا لله أن يعاقب عباده بتلك السبل بل أنه مثل أي مرض جسدي أو نفسي يتطلب الرضا بقضاء الله وقدره واتباع العلاج والمثابرة والصبر للتعافي.
إن وصف الـ OCD بالجنون لا يمس الطب والعلم بصلة قريبة أو بعيدة، أما من يطلق لقب المجنون على المصاب به فهذا من الجهل وقلة التهذيب ليس إلا؛ لذلك لا يجب أن يشعر المريض بأي إحراج أو تدني لأنه مثل أي مرض آخر.
قد يتهيأ للمريض أن كافة الأفكار المزعجة التي تراوده نتيجة المرض حقيقة، وذلك لأن العقل في هذه الحالة يقوم بإرسال إشارات معينة تخلق الرغبة في القيام بشئ محدد دون وجود أي سبب حقيقي لتلك المخاوف، ولهذا السبب يظهر الأمر كالحقيقة تمامًا، لذلك قد يختلط على البعض إذا كانت تلك الأفكار من الوسواس أم حقيقة، والتفرقة بينهم تكمن في محتوى تلك الأفكار، كما أن أفكار الوسواس مرتبطة بمشاعر سلبية تصيب المرض مثل الضيق ،الخوف، الشعور بالاشمئزاز، القلق ،إلى جانب ارتباطها بوجود رغبة لدى المريض في القيام بالسلوكيات التي تكف هذه الهواجس.