بواسطة: تفاؤل بشير - تم مراجعته طبياً: دكتور أحمد الراجي

  1. الرئيسية
  2. الإضطرابات النفسية
  3. تجارب الناس مع نوبات الهلع
تجربة أحد المصابين مع نوبات الهلع
نظرة عامة

تجارب الناس مع نوبات الهلع متنوعة ومؤثرة، حيث يواجهون مشاعر مفاجئة من الخوف الشديد والقلق. وقد يشعر الأشخاص الذين يعانون من هذه النوبات من بعض الأعراض مثل ضربات قلب سريعة، ضيق في التنفس، دوار، الرعشة وتشنج العضلات. ومشاركة هذه التجارب تساعد على فهم أفضل لكيفية التعامل مع نوبات الهلع والتغلب عليها.

تجارب حقيقية لبعض الأشخاص مع نوبات الهلع

الحالة الأولى

عندما كنت في الرابعة والعشرين من عمري، كنت أعيش وحدي في شقة صغيرة في شارع هادئ في بروكلين، نيويورك. كنت جالسًا على مكتبي أعمل على الكمبيوتر المحمول، كما أفعل كل يوم، عندما بدأ قلبي ينبض بشدة. كنت أسمع دمي ينبض في أذني وأرى صدري يتحرك صعودًا وهبوطًا تحت طبقتين من الملابس. لاحظت ارتجاف يديّ فوق لوحة المفاتيح، وأصبحت رؤيتي مشوشة عندما نظرت إلى شاشة الكمبيوتر.
فجأة، شعرت بحرارة وتعرق شديدين، لدرجة أنني خلعت قميصي وذهبت لغسل وجهي بالماء البارد. ولكن عندما وقفت للذهاب إلى الحوض، امتدت الرعشة من يدي إلى ذراعي وساقي، مما جعلني غير قادر على الوقوف. بدأ قلبي ينبض بسرعة أكبر وقوة أكبر. حاولت أخذ نفس عميق لتهدئة نفسي، لكن أنفاسي كانت حادة وبطيئة. أصبحت رؤيتي أكثر ظلمة وضيقًا، مثل عندما تغلق عينيك وتضغط على جفنيك لترى "النجوم".
"أنت تموت"، هكذا قال صوت في رأسي. "هذا هو شعور الموت، وستكون وحدك عندما تموت."
ثم ببطء، تمددت على الأرض. لا أعرف كم من الوقت مر قبل أن أتمكن من النهوض وتثبيت نفسي - ربما كان ٣٠ ثانية أو ساعة. زحفت من الأرض إلى السرير ونمت لمدة ١٣ ساعة متواصلة، كما لو أن الحياة قد استنزفت مني تمامًا.
كما اكتشفت لاحقًا في جلسات العلاج النفسي، كانت تلك أول نوبة هلع لي. ولم تكن الأخيرة -لم تكن تلك نوبة الهلع الأخيرة لي - فقد أصبت بحوالي اثنتي عشرة نوبة منذ ذلك الحين (وهو عدد كافٍ ليتم تشخيصي أني أعاني من اضطراب الهلع)، ولكنها أصبحت أقل حدة وتكرارًا بفضل أدوية مضادات الاكتئاب(SSRIs)، اللجوء لطبيب نفسي جيد ساعدني لتغيير الأنماط الفكرية والسلوكية السلبية المرتبطة بالهلع، ونظام دعم قوي من الأهل والأصدقاء.

الحالة الثانية

في صيف عام ٢٠١٦، تعرضت لنوبة قلق في وسط النهار أثناء عملي في وظيفتي كصحفي. كنت أدرك أنني أعاني من القلق العام، ولكن لم يظهر على شكل أعراض نفسية جسدية حتى ذلك الوقت. لم يكن هناك سبب محدد لتلك النوبة فقد كنت مشغولًا بالعمل بشكل عام وكانت وجبتي متأخرة ذلك اليوم، حوالي الساعة ٣ بعد الظهر.
عندما عدت من وجبة الغداء المتأخرة، شعرت بألم حاد في صدري وامتد إلى ذراعي الأيمن. هذا الشعور دفعني إلى البحث عبر الإنترنت واقتنعت بأنني أعاني من نوبة قلبية. حاولت تهدئة نفسي و شربت بعض الماء، ثم قررت الخروج للنزهة حول مكتبي في منطقة وسط مانهاتن. لكن الألم لم يتراجع، بل ازداد شدة، و زاد عليه خوف عميق من الموت في الشارع بجانب بقايا البيتزا والقمامة في مدينتي نيويورك، بينما أرفع نظري نحو مبنى إمباير ستيت.
اتصلت بالطوارئ ٩١١ ووصلت سيارة الإسعاف وأخذتني من وسط الشارع. خضعت لاختبارات في المستشفى، وعلى الرغم من ارتفاع نبضات قلبي، إلا أنها كانت ضمن الحدود الطبيعية. رقدت في المستشفى لبضع ساعات قبل أن أعود إلى المنزل وأدرك أنني بحاجة إلى العودة للعلاج النفسي. حثني معالجي النفس الجدد على إيقاف التدخين وتقليل شرب الكحول وتناول وجبات صحية ومنتظمة، إلى جانب جلسات العلاج للحديث عن التجارب وتطوير استراتيجيات التأقلم وممارسة اليوجا والتأمل وممارسة الرياضة، وهذا ما جعلني أشعر بتخفيف حدة القلق منذ ذلك الحين.

الحالة الثالثة

بدأت تجربتي مع نوبات الهلع قبل أكثر من ٥ سنوات، وكانت تحدث لي عدة مرات في العام. تتراوح مدة بعضها بين بضع ساعات والبعض الآخر يحدث يوميًا لعدة أشهر. كان قلبي ينبض بسرعة مذهلة، وأشعر وكأنه يريد الخروج من صدري، وأبدأ بالتعرق، وتبدأ أفكاري بالاندفاع.
كانت واحدة من أسوأ نوبات الهلع التي عشتها أثناء توجهي لمقابلة أصدقائي، حينما غمرني هذا الخوف الشديد من إمكانية مواجهة صديق من الماضي، مما أدى إلى نوبة هلع شديدة. لم أتمكن من التحرك، ولم أستطع التنفس، بدأت أبكي، كنت كل جسدي يرتجف - وأسوأ جزء كان، أنني كنت أقود بمفردي. وحيدًا في السيارة، لم أكن أعلم ما الذي يجب علي فعله. تمكنت أخيرًا من تجميع أفكاري بما يكفي لسحب السيارة جانبًا.
تسبب هذا الحدث في حدوث نوبات الهلع لمدة شهر كامل. لم أكن قادرًا سوى على مغادرة شقتي للذهاب إلى العمل، ولم أفعل غير ذلك. في النهاية، ذهبت إلى معالج نفسي في محاولة السيطرة على الأمر والذي نصحني بالتدريب التدريجي على مواجهة المواقف التي تثير الهلع، كما نصحني بالانضمام الى مجموعات لتبادل النصائح مع الأشخاص الذين يمرون بتجارب مماثلة، ووصف لي عقار الفلوكستين لتقليل تكرار النوبات وتقليل حدتها .

الحالة الرابعة

أتذكر بوضوح كيف كنت أعاني من نوبات القلق كل ثلاثة أسابيع أثناء دراستي في الدراسات العليا عندما كنت في الواحد والعشرين من عمري، لذا فإنني أعاني منها منذ نصف حياتي تقريباً. تبدأ هذه النوبات بأفكار غير مرغوب فيها، مثل الخوف من التعرض للاعتداء الجنسي، ثم تتصاعد إذا لم يتم التحكم فيها. قد تستمر لعدة أيام، ولكن الفترة الحادة من القلق يمكن أن تدوم لبضع ساعات، و يستغرق الأمر بضعة أيام للتعافي.
أصبحت مقتنعة تماماً بأن هناك شخصاً ما سيهاجمني أو يغتصبني، ومما أثار الرعب في داخلي. وقد يأتي الفكر الآخر بأن "هناك شيء ما خاطئ، هناك شيء ما خاطئ، هناك شيء ما". يقوم طبيبي النفسي بتعليمي كيفية قول لنفسي "هذا ليس أكثر مما أستطيع تحمله. لقد مررت بهذا من قبل وتجاوزته". كما نصحني بالعد عكسيا من 100 إلى الصفر وهذا الأمر يساعد بالفعل.
الجزء الأكثر رعباً بالنسبة لي هو عدم الإدراك في بداية النوبة بأنها نوبة قلق، فأجد نفسي مرتبكة ومشوشة. والجزء الآخر الأكثر رعباً هو عدم القدرة على وقف النوبة بمجرد إدراكها. إنه أمر مخيف أن تكون غير قادر على السيطرة على جسدك وإقناعه بأنك لست في خطر. وكان كل ما يمكنني فعله في هذه اللحظة هو الانتظار حتى تختفي نوبة الهلع من نفسها.

الخاتمة

تظل نوبات الهلع مشكلة صعبة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الحياة، ولكن من خلال الوعي بأعراضها والتعامل معها بشكل شامل، يمكن السيطرة عليها. في مركز الصحة النفسية، نقدم خدمات متكاملة تشمل العلاج النفسي، والإرشاد، والدعم الطبي لمساعدتك على تخفيف الأعراض وتجاوز هذه النوبات بشكل نهائي. لا تتردد في التواصل معنا لتقديم الدعم الذي تستحقه وتعيش حياة مليئة بالسلام والطمأنينة.

ما رأيك في المعلومات المعروضه بالمقال ؟
مفيدة

0

غير مفيدة

0

تفاصيل الكاتب
author
تفاؤل بشير
خبيرة في كتابة وإعداد موضوعات الصحة النفسية.

حاصلة على العديد من الشهادات وكورسات الدعم والإرشاد النفسي، خبرة حوالي 8 سنوات في كتابة الموضوعات الطبية خاصة الصحة النفسية.

جميع المعلومات التي يذكرها كتابنا بالموقع تهدف الى التوعية وتقديم الدعم والمساعدة لذوي الإضطرابات النفسية والعقلية كنصائح وارشادات، ولا تُغني عن استشارة الطبيب، ونحذر من تناول أي دواء يتم ذكره بدون الرجوع الى الطبيب المختص.

أكتب تعليقا