اخر تحديث للمقال: نوفمبر 29, 2025
يعرف الاضطراب العاطفي (Affective Disorder) بأنه مجموعة من الاضطرابات النفسية التي تؤثر بشكل مباشر على المزاج والانفعال، حيث تتأرجح المشاعر بين الاكتئاب العميق أو الهوس المفرط، وقد تتقلب بسرعة بين الحالتين بشكل يربك حياة الفرد اليومية هذا الاضطراب لا يعد مجرد تغير عابر في المشاعر، بل هو حالة مرضية معقدة تتخذ عدة أشكال.
🧠 التعريف العلمي
الاضطراب العاطفي يُعرّف علميًا بأنه أحد أشكال الاضطرابات النفسية التي تتسم بخلل ملحوظ في تنظيم المشاعر والانفعالات، مما يؤدي إلى معاناة الفرد وصعوبة في الأداء الاجتماعي أو المهني.
المصدر: منظمة الصحة العالمية – الاضطرابات النفسية (WHO)
تظهر البيانات العلمية أن الاضطرابات العاطفية بشكل عام تؤثر على نسبة تتراوح بين 10% إلى 17% من السكان عالميًا، وهو رقم يعكس حجم التأثير الكبير لهذه الاضطرابات على الصحة العامة.
أما الاضطراب الفصامي العاطفي (Schizoaffective Disorder)، يعتبر أقل شيوعًا، حيث يصيب حوالي 0.3% من الأشخاص على مدار حياتهم، لكنه يعد من الحالات المعقدة نظرًا لاجتماع أعراض الفصام مع اضطرابات المزاج.
هذا التصنيف العلمي يوضح أن الاضطراب العاطفي ليس حالة واحدة، بل مجموعة من الاضطرابات التي تتشارك في تأثيرها العميق على المزاج، مما يجعله محورًا مهمًا في الدراسات النفسية السريرية الحديثة.
تخيل أن دماغ مريض الاضطراب العاطفي أشبه بمدينة مزدحمة، لكن إشارات المرور فيها معطلة، مراكز العاطفة والتفكير لا تتواصل بانسجام، بل يحدث بينها ارتباك يجعل المشاعر ترتفع فجأة ثم تهبط بلا سبب واضح.
النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنورأدرينالين تتذبذب مستوياتها باستمرار، فتتحول التجربة العاطفية إلى موجات غير مستقرة.
يتباطأ النشاط في لحظات الاكتئاب، تحديدًا عند الفص الجبهي، فيغرق المريض في شعور باليأس والفراغ العاطفي، وكأن الحياة فقدت ألوانها.
أما في لحظات الهوس، فيشتعل النشاط في الفص الجبهي واللوزة الدماغية، فيعيش المريض اندفاعًا غير منطقي وحالة من النشاط الزائد، كأنه يسابق الزمن بلا توقف.
هذه الرحلة داخل العقل تكشف لنا أن الاضطراب العاطفي ليس مجرد تقلب مزاجي، بل خلل عميق في التوازن العصبي، يضع المريض بين عالمين متناقضين: عالم الانطفاء العاطفي وعالم الانفجار الطاقي.
في الاضطراب العاطفي، المشاعر لا تختفي، بل تتحول إلى نار متقدة تفوق قدرة القلب على الاحتمال.
الاضطراب العاطفي لا يقتصر على تقلبات المزاج فحسب، بل يمتد لكي يؤثر على صورة المريض عن ذاته ونظرته للآخرين من حوله. هذه الرؤية الداخلية والخارجية تتبدل بشكل حاد تبعًا للحالة المزاجية، فتجعله يعيش بين مشاعر متناقضة وصور مشوشة للعالم:
|
رؤية المريض لنفسه |
رؤية الآخرين له |
|
تنعكس الحالة المزاجية بشكل مباشر على صورة المريض الذاتية، يجد نفسه أحيانًا غارقًا في اليأس، وأحيانًا أخرى في قمة الثقة المفرطة:
|
كما تتبدل صورة المريض عن نفسه، فإن نظرته للآخرين أيضًا تتغير بشكل متناقض، بين الانفصال والشك أو التعاطف والغضب:
|
بسرية تامة إحجز برنامج علاج الاضطراب العاطفي لتستعيد حياتك من جديد_1728649976.jpg)
لا يظهر الاضطراب العاطفي من فراغ، بل هو ناتج تداخل معقد بين عوامل وراثية وبيولوجية وبيئية ونفسية، هذا المزيج يجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة، خاصة عند اجتماع أكثر من عامل في حياتهم:
المريض بالاضطراب العاطفي يعيش بين نقيضين قاسيين اندفاع الحياة المفرط، وغيابها الكامل.
يظهر الاضطراب العاطفي في صورة مجموعة من الأعراض التي تتداخل بين الجانب النفسي والجسدي والسلوكي، وتنعكس بشكل مباشر على حياة المريض اليومية وعلاقاته الاجتماعية. هذه الأعراض لا تأتي بشكل ثابت، بل تتقلب حدتها من شخص لآخر، مما يجعل التعرف عليها خطوة أساسية لفهم طبيعة الاضطراب:
قد تتساءل الآن عن :-
تفاصيل أعراض المرض النفسي الحاد والخفيف وأسبابهيؤكد الخبراء أن فهم الاضطراب العاطفي هو الخطوة الأولى نحو العلاج الفعال، تقول د. ريهام القاسم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة المشاعر في الاضطراب العاطفي لا تخضع لقوانين المنطق، لكنها تستجيب للعلاج حين ينظر إليها كاضطراب في المزاج، لا كصفة شخصية.
أما د. رشا حسين تضيف منظورًا عالميًا كل نوبة عاطفية غير معالجة تزيد من احتمالية الانتكاس، لكن الاستقرار العاطفي يظل ممكنًا بالعلاج المستمر والدعم النفسي.
هذه الآراء العلمية تكشف أن الاضطراب العاطفي ليس حكمًا نهائيًا على حياة المريض، بل حالة قابلة للتعامل والسيطرة، شرط أن يفهم المرض في سياقه الصحيح ويعالج بانتظام
إنها دعوة واضحة إلى النظر للمريض بعين العلم لا بعين الوصمة، وإلى إدراك أن العلاج المستمر هو الطريق نحو التوازن النفسي.
العيش مع الاضطراب العاطفي يشبه السير في طريق مليء بالمنعطفات الحادة، حيث يفقد المريض القدرة على تنظيم مشاعره واستجاباتها، فيجد نفسه عاجزًا أمام ردود فعل مفرطة وغير متناسبة مع المواقف.
هذه الرحلة الداخلية ليست تقلبات عابرة، بل هي صراع يومي بين حالتين متناقضتين تمامًا، في لحظات الاكتئاب يغرق المريض في شعور عميق باليأس، يفقد طاقته، ويتراجع اهتمامه بالأنشطة التي كانت تمنحه المتعة، حتى أبسط تفاصيل الحياة تبدو بلا معنى وعلى النقيض.
تأتي نوبات الهوس لتدفعه إلى حالة من النشاط المفرط، حيث تتسارع الأفكار، تتضخم الثقة بالنفس، ويشعر وكأنه قادر على السيطرة على العالم، لكنه قد يتصرف باندفاع يضعه في مواقف معقدة.
هذه التقلبات العاطفية الحادة لا تبقى حبيسة الداخل، بل تمتد كي تؤثر على الحياة اليومية بكل تفاصيلها: من العمل والإنتاجية إلى العلاقات الاجتماعية والأسرية.
وهكذا يعيش المريض بين عالمين متناقضين، أحدهما يطفئ جذوة الحياة، والآخر يشعلها أكثر مما يحتمل.
الاضطراب العاطفي لا يعكس ضعفًا في الشخصية، بل يكشف عن خلل في كيمياء المشاعر وتنظيمها العصبي.
لا يقوم علاج الاضطراب العاطفي على وسيلة واحدة، بل يعتمد على مزيج متكامل يجمع بين العلاج النفسي والدوائي والتكميلي، كي يمنح المريض فرصة أكبر لاستعادة التوازن العاطفي والقدرة على مواجهة تقلبات المزاج:
يعتبر العلاج النفسي حجر الأساس في التعامل مع الاضطراب العاطفي، إذ يساعد المريض على فهم مشاعره وتغيير أنماط التفكير والسلوك:
في كثير من الحالات، يكون التدخل الدوائي ضروريًا لضبط المزاج ومنع الانتكاسات:
مضادات الاكتئاب تستخدم في حالات الاكتئاب الأحادي لتخفيف الأعراض.
مثبتات المزاج مثل الليثيوم أو الفالبروات، وهي فعّالة في حالات الاضطراب ثنائي القطب.
مضادات الذهان تستخدم أحيانًا للسيطرة على نوبات الهوس أو الأعراض الشديدة.
إلى جانب العلاج النفسي والدوائي، هناك وسائل داعمة تساعد المريض على تعزيز صحته النفسية والجسدية:
وتقول الدكتورة ريهام القاسم مريض الاضطراب العاطفي لا يختار حزنه أو اندفاعه، بل تساق مشاعره إليه رغمًا عنه.
قد تتساءل الآن عن :-
برامج العلاج النفسي وأحدث أساليبهيتطلب التعامل مع الاضطراب العاطفي رؤية شاملة تجمع بين العلاج الطبي والوعي الذاتي والدعم الاجتماعي، فالمريض لا يواجه فقط تقلبات المزاج، بل يحتاج إلى خطة علاجية متكاملة تساعده على استعادة التوازن النفسي والقدرة على التكيف مع ضغوط الحياة:
قد تعصف العاصفة بروحك، لكن العلاج يمنحك الشراع الذي يقودك إلى بر الأمان.
إن عدم علاج الاضطراب العاطفي قد يقود إلى سلسلة من المضاعفات النفسية والجسدية والاجتماعية التي تؤثر بعمق على حياة الفرد:
نعم، المضاعفات النفسية والجسدية والاجتماعية للاضطراب العاطفي غير المعالج قد تزيد من معاناة المريض، وقد تؤدي بمرور الوقت إلى تدهور جودة حياته بشكل خطير يصل إلى العزلة أو الانتحار.
الاضطراب العاطفي حالة نفسية معقدة تنشأ من تداخل عوامل وراثية وبيولوجية وبيئية، وتظهر في صورة تقلبات حادة في المزاج تؤثر على التفكير والسلوك والعلاقات الاجتماعية.
ورغم شدته وتأثيره الكبير على جودة الحياة، فإن فهمه كخلل في تنظيم المزاج لا كضعف في الشخصية، والالتزام بالعلاج النفسي والدوائي والدعم الاجتماعي، يجعل من الممكن السيطرة على الأعراض وتحقيق قدر من الاستقرار العاطفي والوظيفي.
الاضطراب العاطفي يُؤثر بشكل كبير على حياة الفرد، لذا ننصح بسرعة البحث عن العلاج المُناسب لاستعادة التوازن ومتابعة الحياة اليومية بشكل طبيعي.
2
0
جميع المعلومات التي يذكرها كتابنا بالموقع تهدف الى التوعية وتقديم الدعم والمساعدة لذوي الإضطرابات النفسية والعقلية كنصائح وارشادات، ولا تُغني عن استشارة الطبيب، ونحذر من تناول أي دواء يتم ذكره بدون الرجوع الى الطبيب المختص.
أكتب تعليقا