اخر تحديث للمقال: ديسمبر 02, 2025
اضطراب هوس نتف الشعر (Trichotillomania) هو اضطراب نفسي سلوكي قهري، يصنف ضمن اضطرابات السيطرة على الدوافع وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، كما يتميز بسلوك متكرر لا إرادي يدفع المصاب إلى نتف شعر الرأس، أو الحاجبين، أو الرموش، أو أي منطقة أخرى من الجسم، بشكل يصعب التحكم فيه.
🧠 التعريف العلمي
يتميز اضطراب هوس نتف الشعر "التريكوتيلومانيا" بسحب الشعر المتكرر، مما يؤدي إلى تساقط الشعر، إلى جانب محاولات متكررة فاشلة لتقليل أو إيقاف السلوك، والتسبب في ضيق أو ضعف سريري مهم في مجالات اجتماعية أو مهنية أو أخرى مهمة من الوظائف.
المصدر: المكتبة المركزية للمقالات الطبية (PubMed Central – PMC)
ويشبه هذا الاضطراب الوسواس القهري من حيث الشعور بالتوتر قبل القيام بالفعل، والراحة المؤقتة التي تلي عملية النتف، مما يدخل الفرد في دائرة من القلق، والاندفاع، والتكرار، يقدر انتشار اضطراب هوس نتف الشعر عالميًا بين 0.5% و2% من السكان، مع بعض الدراسات التي ترفع النسبة إلى 3.2%، ويرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بسبب نقص الإبلاغ والوصمة الاجتماعية.
يبدأ الاضطراب غالبًا في مرحلة ما قبل المراهقة، بمتوسط عمر يتراوح بين 9 و13 عامًا، ويظهر توزيعًا متساويًا بين الجنسين في الطفولة، لكنه يصبح أكثر شيوعًا بين الإناث في المراهقة والبلوغ، حيث تتراوح نسب الإصابة بين 9:1 و15:1 مقارنة بالذكور مع وجود تفاوت في التقديرات حسب المرحلة والفئة في الدراسات الجامعية.
ظهرت نسب انتشار متفاوتة إذ بلغت أقل من 1% عند استخدام معايير صارمة، بينما ارتفعت إلى 3.4% لدى الإناث و1.5% لدى الذكور في ظروف تقييم أوسع، مما يعكس أن الاضطراب أكثر شيوعًا مما تشير إليه الإحصائيات الرسمية.
داخل عقل المصاب بمرض اضطراب هوس نتف الشعر لا يكون الفعل حركة عشوائية، بل استجابة قهرية لصوت داخلي يلح عليه بأن النتف حيث يمنحه راحة مؤقتة، يبدأ التوتر في التصاعد.
ويأتي النتف كوسيلة لاواعية لتفريغه، لكن ما إن تنتهي اللحظة حتى يتسلل الشعور بالذنب، ويغمره الخجل، لتبدأ دورة جديدة من القلق والاندفاع.
ومع تكرار السلوك يعيد الدماغ برمجة هذا الفعل كمصدر للراحة، إذ يفرز بعده الدوبامين بكميات صغيرة، تمنح تهدئة مؤقتة، لكنها ترسخ العادة وتزيد من صعوبة كسرها.
وتقول الدكتورة رحاب حسنين اليد التي تنتف الشعر لا تسعى لإحداث الألم، بل تبحث عن لحظة هدوء نفسي مؤقت، حيث يستخدم هذا السلوك القهري كوسيلة لاواعية لتخفيف التوتر أو تهدئة القلق الداخلي.
يعاني المصاب بمرض اضطراب هوس نتف الشعر من صراع داخلي يؤثر على رؤيته لذاته وتفاعله مع من حوله، فهو لا يرى نفسه كما يراه الآخرون، ولا يدرك الآخرون حقيقة ما يمر به من معاناة نفسية خفية:
رؤية المصاب لنفسه |
تنعكس مشاعره الداخلية في صورة توتر، وعجز، وندم، يصعب التعبير عنها:
|
|
رؤية الآخرين للمصاب |
تتحول نظرات الناس إلى مصدر تهديد نفسي، يدفعه للانسحاب والخجل:
|

رغم إدراك المصاب بهوس نتف الشعر أن سلوكه مؤذي وغير مرغوب، إلا أنه غالبًا ما يعجز عن إيقافه، إذ لا ينبع السلوك من رغبة في النتف بحد ذاته، بل من اندفاع قهري يصعب التحكم فيه، وهو ما أكدته دراسات حديثة تشير إلى أن المصابين يعانون من خلل في آليات تنظيم الدوافع والانفعالات، مما يجعل التوقف عن السلوك تحديًا يتجاوز الإرادة الشخصية.
يرتبط اضطراب هوس نتف الشعر بمجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية والبيئية والوراثية، تتداخل فيما بينها لتشكّل نمطًا معقّدًا من الاستجابة القهرية، والجدول يوضح أهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى نتف الشعر:
بسرية تامة إحجز برنامج علاج الإكتئاب بدون دواء لتستعيد حياتك من جديد
تتنوع مظاهر اضطراب هوس نتف الشعر بين سلوكيات جسدية ومشاعر نفسية، تظهر بشكل متكرر وتؤثر على حياة المصاب:
توضح الدكتورة رحاب حسنين أستاذة الطب النفسي أن اضطراب نتف الشعر يعد استجابة عصبية لا إرادية يلجأ إليها الدماغ لتفريغ التوتر، وهي آلية بدائية يمكن تعديلها من خلال العلاج السلوكي والمعرفي.
كما تؤكد الدكتورة رشا السعيد استشارية الطب النفسي أن الشفاء من هذا الاضطراب ممكن جدًا، خاصة عندما يدرك المريض أن ما يقوم به ليس خطأ أخلاقيًا، بل عرض نفسي يمكن التحكم فيه بالتدريب والدعم المناسب.
كنت أنتف شعري دون أن أنتبه، خاصة في لحظات التوتر وكنت أخفي الفراغات بالكاب أو الطرحة، ثم أبكي حين أنظر إلى شكلي الآن، بدأت أتعلم كيف أتحكم في نفسي من خلال العلاج، وكل شعرة جديدة تنبت أشعر أنها علامة على الأمل والتعافي.
ومن هنا يأتي رأي الدكتور ريهام القاسم، حيث تظهر هذه التجربة بوضوح كيف يتحول اضطراب نتف الشعر من سلوك لا إرادي إلى مصدر ألم نفسي يومي، لكن ما يبعث على الأمل هو إدراك المريض لسلوكه وسعيه للتغيير.
العلاج هنا لا يقتصر على كبح الفعل، بل يشمل إعادة بناء العلاقة بين المريض وجسده، وتعزيز الشعور بالتحكم والقبول الذاتي، فكل شعرة تنبت من جديد ليست علامة جسدية، بل خطوة نحو التعافي النفسي.
قد تتساءل الآن عن :-
قصص حالات شفيت من نتف الشعريرتكز علاج اضطراب نتف الشعر على الدمج بين العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي، وفقًا لحالة المصاب واحتياجاته النفسية:
يساعد على تعديل السلوك القهري وزيادة الوعي بالمحفزات الداخلية والخارجية:
عكس العادة، تدريب المريض على التعرف إلى المواقف التي تثير الرغبة في النتف، واستبدالها بسلوكيات بديلة أكثر أمانًا.
يستخدم في الحالات المصاحبة لأعراض القلق أو الاكتئاب:
يتطلب التعامل مع المصاب بهوس نتف الشعر قدرًا عاليًا من التفهّم والدعم النفسي، والسلوك القهري لا ينبع من ضعف الإرادة، بل من اضطراب عصبي يحتاج إلى احتواء لا إلى لوم. إليك أبرز المبادئ التي تساعد في تقديم دعم فعال:
ينمو الشعر من جديد بمرور الوقت، لكن استعادة الشعور بالأمان الداخلي تتطلب فهمًا عميقًا ودعمًا نفسيًا حقيقيًا؛ التعافي لا يقتصر على المظهر، بل يبدأ من الداخل.
عدم علاج اضطراب هوس نتف الشعر يؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية والجسدية، ويؤثر سلبًا على جودة حياة المصاب:
نعم، إهمال علاج هوس نتف الشعر قد يؤدي إلى تساقط واضح للشعر وتهيّج الجلد، كما يسبب قلقًا مستمرًا يؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية للمصاب.
اضطراب هوس نتف الشعر (Trichotillomania) ليس عادة سيئة، بل حالة نفسية تحتاج إلى فهم ودعم وعلاج متخصص، ومع التوعية والعلاج المناسب، يمكن للمصابين استعادة السيطرة على سلوكهم والمضي نحو التعافي بثقة وأمل.
14
0
جميع المعلومات التي يذكرها كتابنا بالموقع تهدف الى التوعية وتقديم الدعم والمساعدة لذوي الإضطرابات النفسية والعقلية كنصائح وارشادات، ولا تُغني عن استشارة الطبيب، ونحذر من تناول أي دواء يتم ذكره بدون الرجوع الى الطبيب المختص.
أكتب تعليقا