الذهان (Psychosis) هو اضطراب عقلي يجعل الشخص يعيش تجارب غير واقعية مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء لا وجود لها أو تبني معتقدات خاطئة يراها صحيحة تماما وهذا يؤثر بشكل مباشر على طريقة التفكير والإدراك والسلوك.
🧠التعريف العلمي
الذهان (Psychosis) هو اضطراب عقلي يتميز بوجود هلوسات (إدراكات حسية دون منبه خارجي) أو ضلالات (معتقدات خاطئة ثابتة)، ويؤثر على التفكير والإدراك والسلوك. ـــ المصدر: الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)
مدى الانتشار
انتشار مرض الذهان بين الناس يقدر بحوالي 3% على مدى الحياة لكن هذه النسبة تختلف حسب العمر والسبب، أما الفصام فيصيب نحو 0.7% من السكان بينما يمكن أن تظهر الأعراض الذهانية أيضا مع اضطرابات أخرى مثل مرض اضطراب ثنائي القطب، ويظهر الذهان بشكل أوضح بين فئة الشباب حيث يكون أكثر تكرارا في هذه المرحلة العمرية.
🧬 رحلة داخل عقل المريض
تخيل أن عقلك يهمس لك بأن هناك من يراقبك أو أنك تملك قوى خارقة أو أن الآخرين يسخرون منك في الخفاء هذه ليست أفكار عابرة وفقط، بل حقائق راسِخة في وعي المريض الذهاني يعيشها وكأنها واقع لا يقبل الشك.
أحد المرضى وصف تجربته قائلاً كنت أسمع أصواتًا تؤكد أنني شخص مميز ثم بدأت أشك في كل من حولي حتى أقرب الناس إلى خلال نوبة الذهان يكون الدماغ في حالة اضطراب في الاتصال بين مناطق الإدراك والمنطق؛ مما يدفع المريض إلى تفسير المواقف اليومية البسيطة بطريقة غير واقعية.
👁️ كيف يرى المريض نفسه والآخرين؟
يرى المريض نفسّه والآخرين مرض الذّهان بصورة مشوشة وغير واقعية نتيجة لانقطاعه عن الواقع؛ حيث يعيش هلوسات وأوهامًا تجعله يفسِر المواقف اليومية بشكل غير منطقي مما يؤثر على حياته وعلاقاته:
رؤية المريض لنفسه
تظهر الصورة الذاتية للمريض مليئة بالاضطراب والتناقضات وتنعكس في عدة مظاهر.
مشاعر متقلبة وتغيرات مزاجية مفاجئة مثل الغضب أو الاكتئاب وأحيانا تبلد المشاعر وفقدان الاهتمام.
ضعف الإرادة وصعوبة التركيز والتفكير المنطقي مع شعور بالكسل والعجز عن اتخاذ القرارات.
إهمال الاهتمام بالنفس مثل النظافة الشخصية والمظهر العام.
صعوبة في أداء المهام اليومية مما ينعكس سلبا على العمل أو الدراسة.
رؤية المريض للآخرين
تتسم نظرة المريض للآخرين بالريبة والاضطراب وتظهر في صور متعددة.
خوف وشك دائم وعدم ثقة في نوايا الآخرين مع اعتقاد أنهم يراقبونه أو يتحدثون عنه.
أوهام ومعتقدات خاطئة مثل الاقتناع بأنه شخصية مشهورة أو أن هناك مؤامرة ضده.
هلوسات سمعية أو بصرية تجعله يتفاعل مع أصوات وأشخاص غير موجودين.
ميل إلى الانعزال الاجتماعي وتجنب الأنشطة والانسحاب من المحيط.
بسرية تامة إحجز برنامج علاج مرض الذهان لتستعيد حياتك من جديد
تتداخل الأسباب والعوامل بشكل مُعقد، وتشمل جوانب وراثية وبيولوجية ونفسية وبيئية إضافة إلى أسباب طبية وتعاطي بعض المواد:
عوامل وراثية
ترتفع احتمالية الإصابة لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع الذهان أو اضطرابات نفسية مشابهة.
عوامل بيولوجية
خلل في التوازن الكيميائي داخل الدماغ خاصة في مستويات الدوبامين والسيروتونين.
وجود اضطرابات نفسية أخرى مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب الحاد.
عوامل بيئية ونفسية
التعرض لصدمات نفسية قوية أو أحداث حياتية مؤلمة.
الإجهاد المزمن والضغط النفسي المستمر
العزلة الاجتماعية وضعف القدرة على التكيف.
اضطرابات النوم سواء كانت حادة أو مزمنة.
التعرض لبعض الحالات أثناء الحمل التي تؤثر على نمو الجنين.
أسباب طبية
إصابات شديدة في الرأس أو ارتجاجات متكررة.
أمراض عصبية مثل الزهايمر وباركنسون والتصلب المتعدد.
أمراض المناعة الذاتية أو العدوى التي تصيب الدماغ مثل الإيدز أو الملاريا أو الزهري.
تعاطي المخدرات وبعض الأدوية.
استخدام مواد مخدرة مثل الماريجوانا أو عقاقير الهلوسة.
ظهور أعراض جانبية نتيجة بعض الأدوية الموصوفة طبيًا.
ملحوظة هامة
وجود هذه العوامل لا يعني بالضرورة الإصابة بالذهان لكنها تزيد من احتمالية ظهوره عند الأشخاص الذين لديهم استعداد لذلك.
⚠️ الأعراض والعلامات المميزة
الأعراض تختلف باختلاف السبب، لكنها تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية توضح طبيعة الذهان وتأثيره على المريض:
1. الهلوسات Hallucinations
إدراك أشياء غير موجودة في الواقع.
سماع أصوات غير حقيقية وهو العرض الأكثر شيوعًا.
رؤية أشخاص أو أضواء لا وجود لها.
شم أو تذوق روائح غريبة وغير واقعية.
2. الضلالات Delusions
معتقدات خاطئة يقتنع بها المريض بشكل قوي.
الشعور بأن الآخرين يتآمرون ضده أو يراقبونه.
الإيمان بامتلاك قوى خارقة أو قدرات غير طبيعية.
الغيرة المرضية أو الاعتقاد بوجود جهات خفية تتابعه.
3. اضطراب التفكير والسلوك
كلام غير مترابط أو الانتقال السريع بين الأفكار.
تصرفات غريبة أو غير مناسبة للموقف.
انسحاب اجتماعي وتجنب الآخرين.
ضعف في الاهتمام بالنفس والعناية الشخصية.
🩺 رأي الطبيب النفسي
الذهان لا يعني أن المريض فقد عقله بل أنه يعيش في واقع آخر صنعه دماغه والعلاج المبكر هو المفتاح للشفاء الكامل ومنع الانتكاسات، د. طارق الحناوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس.
وللتأكيد على أهمية التدخل المبكر تشير دكتورة ريهام القاسم استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية إلى أن الدعم النفسي والاجتماعي يلعب دورًا محوريا في رحلة العلاج؛ حيث يساعد المريض على استعادة ثقته بنفسه والتكيف مع محيطه بشكل أفضل.
بهذا يصبح التعامل مع الذهان ليس فقط عبر الأدوية بل أيضا من خلال شبكة دعم متكاملة تجمع بين العلاج النفسي والبيولوجي والاجتماعي مما يمنح المريض فرصة أكبر للعودة إلى حياة مستقرة.
💭 تجربة المريض من الداخل
تجعله يفقد القدرة على التمييز بين الواقع والخيال، وربما تبدأ هذه التجربة بصعوبة في التركيز أو الأرق قبل أن تتطور إلى الأعراض الرئيسية:
التجربة الحسية والإدراكية
الهلوسات سماع أصوات غير حقيقية قد تأمره أو تهاجمه أو رؤية أشخاص وأشياء لا وجود لها وقد تكون هذه الهلاوس سمعية أو بصرية أو شمية أو لمسية.
الأوهام اعتقادات خاطئة وغير منطقية مثل الشعور بأن هناك من يحاول إيذاءه أو يتحدث عنه أو أن هناك رسائل سرية تصل إليه عبر التلفاز.
صعوبة التفكير يجد المريض صعوبة في التركيز وتشوش أفكاره ويعجز عن التمييز بين الواقع والخيال.
الكلام غير المترابط ينتقل المصاب بالذهان بشكل مفاجئ من موضوع إلى آخر، أو يستخدم كلمات غير منطقية وهو ما يعد من أبرز العلامات التي أشار إليها المعهد الوطني. المصدر: المعهد الوطني للصحة النفسية (NIMH).
💊 العلاج باختصار
العلاج الأساسي للذهان يعتمد على مزيج من الأدوية والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي ويهدف إلى إعادة التوازن لكيمياء الدماغ ومساعدة المريض على استعادة حياته الطبيعية:
العلاج بالأدوية
مضادات الذهان Antipsychotics.
تعمل على إعادة التوازن للمواد الكيميائية في الدماغ.
من أبرزها ريسبيريدون Risperidone، وأولانزابين Olanzapine وأريبيبرازول Aripiprazole.
تُستخدم بجرعات يحددها الطبيب وتحتاج إلى متابعة طويلة المدى لتقليل احتمالية الانتكاسة.
العلاج السلوكي المعرفي CBT يساعد المريض على التعرف إلى أفكاره غير الواقعية والتعامل معها بوعي أكبر.
العلاج التأهيلي الاجتماعي يهدف إلى إعادة دمج المريض تدريجيًا في المجتمع وتحسين مهاراته اليومية.
العلاج الأسري يوجه الأسرة إلى طرق التعامل الصحيحة مع المريض دون لوم أو خوف؛ مما يعزز الدعم العاطفي.
العلاج في المستشفى
يُوصى به عند وجود خطر على المريض أو الآخرين.
يستخدم في حالات الهلاوس والضلالات الشديدة التي تتطلب رعاية مكثفة.
💬 التعامل مع المريض أو الاضطراب
يتطلب التعامل مع مريض الذهان مزيجًا من الدعم النفسي والاحترام والبيئة الهادئة مع إشراك الأسرة والمختصين في خطة العلاج لضمان استقرار الحالة وتقليل الانتكاسات:
الدعم العاطفي امنح المريض دعما مباشرا واسأله أسئلة تساعده على التعبير مثل كيف تحب أن نساعدك أو ما الذي ساعدك في المرات السابقة.
الاحترام والتواصل احترم رغباته ولا تجبره على قرارات لا يريدها وحافظ على أسلوب هادئ وداعم بعيدا عن الحكم أو النقد.
توفير بيئة مريحة أبعده عن الأماكن المزعجة أو الصاخبة وشجعه على أنشطة مهدئة مثل القراءة أو الرسم.
التواصل مع الأسرة تعاون مع أفراد الأسرة لفهم ما يمر به المريض بشكل أفضل وتقديم الدعم المناسب.
معرفة من يثق به اكتشف الأشخاص الذين يلجأ إليهم المريض في الأزمات لتعزيز شعوره بالراحة والثقة.
مضاعفات مرض الذهان إهمال علاج الذهان أو تأخر التدخل الطبي؛ ربما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على حياة المريض نفسيًا واجتماعيًا ومهنيًا، وتزيد من حدة الأعراض مع مرور الوقت:
تدهور الحالة النفسية والاجتماعية
تفاقم الهلاوس والأوهام؛ مما يقود إلى سلوك غير منطقي.
العزلة الاجتماعية نتيجة فقدان القدرة على التواصل أو المشاركة في العمل.
الشعور المستمر بالاكتئاب أو القلق.
زيادة خطر الإيذاء
ارتفاع احتمالية إيذاء النفس أو الآخرين؛ بسبب فقدان الاتصال بالواقع.
الميل إلى السلوك العدواني أو غير المتوقع.
التأثيرات الحياتية والمهنية
صعوبة الاحتفاظ بالوظيفة أو الاستقرار المهني.
تراجع الأداء الأكاديمي أو الانسحاب من الدراسة.
التعرض لمشكلات مالية نتيجة فقدان القدرة على العمل.
هل يمكن علاج مرض الذهان بشكل نهائي؟
نعم يمكن علاج مرض الذهان والسيطرة على أعراضه بشكل فعال من خلال الأدوية والعلاج النفسي والدعم الأسري والاجتماعي لكن نجاح العلاج يعتمد على التشخيص المبكر والالتزام بالخطة العلاجية والمتابعة المستمرة لتجنب الانتكاسات.
خاتمة
يُظهر مرض الذهان مدى تعقيد العلاقة بين الدماغ والسلوك الإنساني فهو ليس فقط عرض عابر بل حالة تحتاج إلى متابعة دقيقة وعلاج متكامل يجمع بين الأدوية والدعم النفسي والاجتماعي وتشير الدراسات الحديثة إلى أن التدخل المبكر يقلل من احتمالية الانتكاس ويحسن فرص المريض في العودة إلى حياة مستقرة.
كما أن إشراك الأسرة وتوفير بيئة داعمة يسهمان بشكل كبير في تعزيز نتائج العلاج إن فهم الذهان والتعامل معه بوعي علمي وإنساني يفتح الطريق أمام المريض؛ لاستعادة توازنه النفسي والاندماج في المجتمع بشكل أفضل.
إن فهم الذهان والتعامل معه بشكل صحيح يفتح الطريق أمام المريض لاستعادة توازنه النفسي والاندماج من جديد في حياته الطبيعية، ولمن يبحث عن بداية جديدة يمكنكم التواصل مع مركز الصحة النفسية عبر الرقم (00201010322346) للحصول على الدعم والعلاج المناسب.
أكتب تعليقا